​بقلم تيفاني فلويد
ترجمة فيفيان حمزة​

سيرة الفنان

يعتبر إسماعيل الشيخلي (1924 ـ 2002) من الجيل الثاني للرواد الأوائل في ساحة الفن العراقي الحديث، وطوّر خلال مسيرته الفنية أسلوباً فريداً نتج عن تأثيرات عدة متنوعة. يسهل التعرف على أعماله الأخيرة من خلال الأشكال البشرية التجريدية ومزيج الألوان الحية والخلفيات القاتمة. مع ذلك، يتصف العديد من لوحاته بالتكرار المتنوّع لموضوعه المفضل، الحياة في القرى العراقية، على مدى مسيرته الفنية. على غرار فنانين آخرين من أبناء جيله، لم يتقيد الشيخلي بنمط واحد وجرب أساليب تصويرية مختلفة، وتظهر أعماله، كنتيجة لذلك، تشكيلة متنوعة من التأثيرات الأسلوبية وطرق تناول المواضيع.

تلقى الشيخلي تعليمه الفني في معهد الفنون الجميلة في بغداد وكان أحد أعضاء أول دفعة تخرجت من المعهد عام 1945. درس هناك تحت إشراف فائق حسن الذي يعدّ من إحدى الشخصيات المؤثرة في أوساط الفن العراقي، وكان أكثر طلاب فائق موهبة. بعد تخرجه من معهد الفنون الجميلة، كان أول طالب سابق من هذه المؤسسة يتابع تعليمه في الخارج ملتحقاً بالمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس سنة 1951. عاد بعد ذلك إلى بغداد وكان من أكثر جماعة الرواد نفوذا، وهي جمعية فنية أسسها فائق حسن، ثم أصبح رئيساً لها في العام 1962 بعد استقالة فائق. كان الشيخلي كذلك من مؤسسي جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين والتحق بجمعية الفنانين العراقيين. من الناحية المهنية، كان المنصب الأكثر امتيازاً من المناصب التي تولاها تعيينه مديراً عاماً لدائرة الفنون التشكيلية في بغداد.

تعكس أعمال إسماعيل الشيخلي الأولى تأثيرات أستاذه فائق حسن، وغالباً ما تمت المقارنة بين لوحات هذين الفنانين. وبالفعل هنالك تشابهاً صارخاً بين أعمال الأستاذ وتلميذه؛ فقد أولى كلاهما اهتماماً خاصاً بالريف العراقي وحياة القرى من ناحية اختيار الموضوع. وبالمثل، يدل الأسلوب الانطباعي المميّز في تصوير الأفراد والطبيعة في كل من لوحاتهما على علاقة تربوية وثيقة بينهما. غير أن هذه التشابهات تنطبق على المرحلة الأولى من مسيرة الشيخلي الذي دخل بعد ذلك في مغامرة مجاله الفني الخاص. اتصف أسلوبه المتأخر بميل أكبر نحو التجريدية مما يدل على اهتمام الفنان بالأشكال والألوان على حساب الأسلوب السردي ولكن ليس على حساب اختيار الموضوع.

تحتل النساء مكانة هامة كموضوع مركزي في أعمال الشيخلي، وقد جرب طوال مسيرته الفنية مستويات مختلفة من الأساليب التصويرية وظل الفنان مخلصاً لموضوع الشكل الأنثوي. ويبدو أنه كان مهتماً بالاستكشاف في موضوع واحد، ربما لرغبة منه في إطلاق العنان لما يحتويه من إمكانيات جمالية. من المثير للاهتمام هو اختياره لموضوع هيمن على التعبير الفني منذ فجر التاريخ البشري، أي جسد المرأة.

تصوّر لوحات الشيخلي في الكثير من الأحيان النساء على شكل تجمعات، يوجهن أنظارهن نحو المشاهد بنظرات ثاقبة. مع تبسيط لتصوير الأوجه على شكل بيضاوي والأجساد بمظهر عادي وموحد، تبدو النساء وهن في حالات مختلفة من الذهاب والإياب: إلى الجامع، إلى السوق، إلى القيام ببعض المهام المنزلية. ينطوي تكرار الأشكال البيضاوية والمربعات والخطوط المنحنية بقوة على إيقاع يعكس وتيرة حياة النساء اليومية، كما يعكس اهتمام الفنان بالتزيين على نمط التراث الزخرفي الإسلامي.

في لوحات الفنان الأكثر شهرة ونموذجية، وهي المنجزة في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، تتحرك مجموعات النساء من وإلى خلفية متلاشية. تبدو وكأنهن تائهات في مشهد ضبابي، يزدان أحياناً بأشكال مثلثة توحي بهياكل الخيم ويكون معتماً في أحيان أخرى. تحتل النساء في تلك اللوحات الأخيرة مساحات حاشدة ولا يمكن التعرف عليهن إلا من خلال العباءة العراقية التي تغطي أجسادهن. بينما تحتل الألوان المقام الأول في كل من اللوحات حيث أنه بسّط أشكال الأفراد إلى درجة جعلها دوائر بلون البشرة وأجساد مستطيلة زاهية مغطاة بالأسود. تمتلئ هذه التعابير بطاقة حركية، وبفعل ضربات الفرشاة المتسارعة وإبراز الألوان، تبدو الأشكال النسائية مليئة بالحيوية حتى مع تلاشي الخلفية.

عرض إسماعيل الشيخلي أعماله بكثافة في معظم أرجاء العالم. وشارك بفعالية في معارض جماعة الرواد في بغداد وجمعيات فنية أخرى كان ينتمي إليها. لذا كانت أعماله مرئية بكثرة محليا. انضم الشيخلي كذلك إلى عدة معارض جماعية في الخارج وعرضت أعماله في مدن مثل باريس ولندن وأنقرة وبلغراد ومدريد وجكارتا ودلهي. وفي عامي 1955 و1958، تجوّلت لوحاته في معارض بين الصين وروسيا وبلغاريا وبولندا والهند. كانت أعماله مرغوبة بشدة أيضاً في العالم العربي وقد أقام معارض في كل العواصم العربية تقريبا. أعماله موجودة حالياً ضمن مجموعات متحف: المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة وفي المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة في عمان.

المعارض

المفرادات الدالة

معهد الفنون الجميلة في بغداد، المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، جماعة الرواد، جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، جمعية الفنانين العراقيين، النساء، التجريد، الانطباعية، مناظر طبيعية، مشاهد قروية.

المراجع

وجدان علي، "Modern Islamic Art: Development and Continuity" (الفن الإسلامي الحديث: تطوّر واستمرارية)، غينسفيل: مطبوعات جامعة فلوريدا، 1997.

زينب البحراني وندى الشبوط، "Modernism and Iraq" (الحداثة والعراق)، نيويورك: غاليري مريم وإيرا والاك، مطبوعات جامعة كولومبيا، 2009.

ميسلون فرج، إشراف، "Strokes of Genius: Contemporary Iraqi Art" (ضربات فرشاة عبقرية: الفن العراقي المعاصر)، لندن: دار الساقي، 2001.

جبرا إبراهيم جبرا، "The Grass Ro​ots of Iraqi Art" (قاعدة الفن العراقي الشعبية)، جيرسي: واسط المحدودة للجرافيك والنشر، 1983.

داليا مرزبان، إشراف، "ردّ الشرق: نظرة معمقة على الحداثة في العالم العربي منذ عام 1950 وحتى عام 1970"، الإمارات العربية المتحدة: مؤسسة بارجيل للفنون، 2013.

مي مظفر، "العراق" في: "Contemporary Art from the Islamic World" (الفن المعاصر من العالم الإسلامي)، إشراف وجدان علي، عمان: الجمعية الملكية للفنون الجميلة، إيسكس، إنكلترا: منشورات سكوربيون، 1989.

مراجع إضافية

شارلز بوكوك، "Modern Iraqi Art: A Collection" (الفن العراقي الحديث: مجموعة)، دبي: غاليري ميم، 2013.

بسام رومايا. "Iraq and the Question of Aesthetics" (العراق ومسألة الجماليات)، المؤتمر العالمي للجماليات (2007)، 1 ـ 15.

قاسم سعد، "Contemporary Iraqi Art: Origins and Development" (الفن العراقي المعاصر: الجذور والتطور)، سكوب: مواضيع البحث المعاصرة (آرت إند ديزاين، 2008) 3، 50 ـ 54.

ندى الشبوط، "سجّل: قرن من الفن الحديث"، الدوحة: المتحف العربي للفن الحديث، هيئة متاحف قطر، 2010.​