ترجمة فيفيان حمزة
سيرة الفنان
ولد شاكر حسن آل سعيد في السماوة، العراق، سنة 1925، ودرس العلوم الاجتماعية في دار المعلمين العالية، حيث نال شهادة البكالوريوس سنة 1948. عمل في البداية مدرساً للعلوم الاجتماعية في ملاك التعليم الثانوي في وزارة التربية، من 1949 إلى 1954، قبل أن يلتحق بمعهد الفنون الجميلة في بغداد لدراسة الفن، وتدريس التربية الفنية في هذا المعهد في وقت لاحق. بعد تخرجه في 1954، تلقى منحة دراسية من الحكومة لمتابعة تحصيله الفني في الخارج. درس الرسم وتاريخ الفن في باريس، من 1955 إلى 1959، وذلك في أكاديمية جوليان، وفي مدرسة الفنون الزخرفية، وفي المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة. عقب عودته إلى بغداد، أعطى دروساً في تاريخ الفن في معهد الفنون الجميلة، من 1970 إلى 1980ـ كما درّس الرسم وتاريخ الفن في معهد التربية الفنية، في المملكة العربية السعودية من 1968 إلى 1969. ترأس قسم الدراسات الجمالية، من عام 1980 إلى 1983، في دائرة الفنون التشكيلية التابعة لوزارة الثقافة والاعلام. وفي 1992، عمل مستشاراً لدى مؤسسة عبد الحميد شومان في عمان. ثم أسس ندوة الخطاب الجمالي في مركز صدام للفنون في بغداد. وكان عضواً في اللجنة الوطنية لرابطة نقاد الفن التشكيلي وفي نقابة الفنانين العراقيين وجمعية الفنانين التشكيليين ونقابة المعلمين العراقية. أقام في بغداد حتى وفاته سنة 2004.
كان آل سعيد فناناً نافذاً وغزير الإنتاج، فقد شارك في تأسيس جماعة بغداد للفن الحديث سنة 1951 مع جواد سليم وجبرا إبراهيم جبرا، كما أسس جماعة البعد الواحد في 1971. كتب بيانات فنية باسم كل من الجماعتين، بالإضافة إلى بيانه التأملي الذي نشر سنة 1966 في الملحق الثقافي لصحيفة الجمهورية اليومية. مثّل البيان الفني، الذي كتبه لجماعة بغداد للفن الحديث في العام 1951، أول بيان من نوعه في العراق، وتمت قراءته في معرض الجماعة الافتتاحي في متحف الأزياء القديمة، في بغداد، وقد اعتبر البعض هذا الحدث بمثابة نقطة البداية الحقيقية للفن الحديث في العراق. عبّر البيان عن التزام الجماعة بكل من التراث والحداثة على حد سواء، وشدّد على ثقافة المنطقة المستلهمة من الفن الإسلامي، وعلى الأخص من منمنمات الواسطي في القرن الثالث عشر، ولكن المستمدة أيضاً من منتجات الثقافة الشعبية، مثل السجاد التقليدي، وكذلك من حضارات بلاد ما بين النهرين القديمة. شجّع البيان الفنانين العرب على الابتعاد عن تيار الفن الحديث الذي كان سائداً في السابق في العالم العربي، والذي كان يوصف بكونه عبارة عن استنساخ للنماذج الأوروبية، وأرسى فناً حديثاً أكثر رسوخاً في السياق المحلي. سجل بذلك إعادة توجيه في الفن تزامنت مع التغيرات السياسية الجذرية ونمو القومية العربية.
ضمن جماعة البعد الواحد، طوّر شاكر حسن نهجه النظري حول الفن على نحو أبعد من السابق. اهتمت الجماعة بالحروف العربية كعناصر شكلية في الفن الحديث، طبقاً لتصريح آل سعيد في البيان الفني. أقامت الجماعة معارضها في بداية السبعينات لكنها فقدت تأثيرها بعد ذلك، حيث أصبح إدخال الفنانين للأحرف العربية ضمن أعمالهم، مما كان يدعى بتيار الحروفية العربية، أسلوباً واسع الانتشار. غير أن اهتمام آل سعيد بالأحرف العربية لم يكن يقتصر على أشكالها وطريقة كتابتها، بل كان يعتبرها جزءاً لا يتجزأ من جمالية الأثر، وتداعيات الحياة وعلامات مرور الزمن، كما تدل على ذلك الشقوق والصدوع المشغولة بدقة على لوحاته "الجدارية".
تظهر لوحاته الأولى تقارباً مع حركات الفن الأوروبية الطليعية، مثل الانطباعية والتكعيبية، وعلى الأخص أعمال بول كلي، لكنها تستلهم كذلك من التراث العربي ـ الإسلامي والثقافة الشعبية. عناصر تشخيصية وتجريدية مختلطة، مقسمة، من خلال أنماط شبكية، إلى مساحات مختلفة من الألوان الزاهية. بيد أن أسلوبه الفني تغيّر عندما بدأ يهتم بالصوفية خلال الستينات. وقد كان في هذا السياق أن أنتج الرسومات الجدارية العديدة غير المعنونة، والتي تطغى عليها ألوان الأرض وتندمج فيها الأحرف العربية بصورة ملحوظة كعناصر شكلية في بنية تجريدية. يتخذ الخط العربي أهمية حيوية في التقليد الصوفي، كما استحوذ حرف الواو، الذي يتكرر استعماله في لوحات شاكر حسن، على اهتمام خاص. فكما أشارت إليه آنّا ماري شيمّل في كتابها "فن الخط العربي والثقافة الإسلامية" (1984)، يتكرر حرف الواو، بصفته حرف الوصل، في تعريف/ مفهوم الإيمان في الإسلام، وتحديداً "الإيمان بالله، وبملائكته، وبكتبه، وبرسله، والإيمان بالقدر (المصير) سواء كان سيئاً أو حسناً." وبالتالي من الممكن قراءة سلسلة "الواوات" بوصفها ترمز إلى الدلالات الكامنة في "الشهادة " أو "الإجهار بالإيمان". يستعير شاكر حسن آل سعيد عناصر من الخط الإسلامي لكنه يضعها في سياق عصري. من خلال ربطها بالتعابير الشعبية العفوية، تستخدم لوحاته الحروف العربية على شكل كتابات ورسومات ورموز مخربشة على جدران المدن. لذا، من الممكن مقارنة لوحاته مع رسوم الفنان الكتالوني أنطوني تابييس، الذي أشار إليه شاكر حسن بوضوح في كتاباته.
نشر شاكر حسن آل سعيد عدة كتب حول الفن الحديث في العراق والعديد من المقالات في الصحف والمجلات العربية، ويعتبر اليوم أحد آباء الفن الحديث في العراق. كان لتأثيره كفنان ومعلم، وأيضاً كرائد في الكتابة النظرية وحول تاريخ الفن، صدى واسعاً، غير أن البحث والتوثيق حول فنه ومسيرته لم يكتملا إلى الآن.
دخلت أعماله في العديد من المجموعات الخاصة والعامة، منها المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد والمتحف البريطاني في لندن، والمتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة في عمان، كما في متحف: المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة.
المعارض
بعض المعارض الفردية المختارة
2003 | غاليري بيسان، الدوحة، قطر |
____ | دار الأندى، عمان، الأردن |
2001 | معرض استعادي شامل، قاعة أثر، بغداد، العراق |
1999 | "الأعمال التسعينية"، قاعة أثر، بغداد، العراق |
1998 | "مزدوجات ومتواريات"، صالة الرواق للفنون، المنامة، البحرين |
1998 | "مزدوجات ومتواريات"، قاعة آترز، تونس العاصمة |
1997 | المركز الثقافي الفرنسي، بغداد، العراق |
1996 | "معرض اللوحات الأحادية والمزدوجة"، المركز الثقافي الفرنسي، بغداد، العراق |
____ | غاليري 50 × 70، بيروت، لبنان |
1994 | معرض تكريمي، مركز صدام للفنون، بغداد، العراق |
1992 | المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، عمان، الأردن |
1980 | المركز الثقافي العراقي، بيروت، لبنان |
____ | معرض مشترك مع نجا المهداوي، تونس العاصمة |
1978 | غاليري سلطان، الكويت |
1974 | "رؤى تأملية"، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق |
1966 | "تـأملات ومعارج"، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق |
1961 | قاعة معهد الفنون الجميلة، بغداد، العراق |
1954 | قاعة معهد الفنون الجميلة، بغداد، العراق |
بعض المعارض المشتركة المختارة
2015 | معرض 555، غاليري كراج، مطافئ: مقر الفنانين، الدوحة، قطر |
2010 | سجل: قرن من الفن الحديث، متحف: العربي للفن الحديث، الدوحة، قطر |
2003 | بينالي الشارقة، الإمارات العربية المتحدة |
1997 | "البيئة والمحيط والأيكولوجيا في الفن العراقي"، المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة، عمان، الأردن |
1996 | معرض جماعة البعد الواحد الخامس، غاليري أبعاد، عمان، الأردن |
1994 | معرض جماعة البعد الواحد الرابع، غاليري أبعاد، عمان، الأردن |
1988 | "تواشج العلامات"، معهد العالم العربي، باريس، فرنسا |
1986 | ترينالي نيودلهي، الهند |
1979 | بينالي ساو باولو الخامس عشر، البرازيل |
1977 | معرض الفن العربي، المركز الثقافي العراقي، لندن، المملكة المتحدة |
1976 | بينالي البندقية، إيطاليا |
1975 | مهرجان كان سورمير، فرنسا |
1971 | شارك في أولى وأكبر معارض جماعة البعد الواحد، قاعة المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق |
1951 | شارك في أولى وأكبر معارض جماعة بغداد للفن الحديث، متحف الأزياء القديمة، بغداد، العراق |
الجوائز والأوسمة
1987 | جائزتي تكريم لأعماله من كل من جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين واتحاد الفنانين العراقيين |
1986 | جائزة صدام للفنون |
1981، 1986 | الجائزة الأولى في المهرجان العالمي، بغداد، العراق |
1975 | جائزة التقدير الوطنية، مهرجان كاني سورمير الدولي، فرنسا |
_____ | جائزة تقدير لاتجازات الفنان النظرية والفنية، جمعية الفنانين العرب |
المفردات الدالة
العراق، الفن الحديث، الفن التجريدي، الرسم، تاريخ الفن والنظريات الفنية، جماعة بغداد للفن الحديث، جماعة البعد الواحد.
المراجع
سليم البهلولي، "شاكر حسن آل سعيد"، في: مشاريع ميم 2013؛ الجزء الأول: الفن العربي الحديث، الجزء الثاني: الأحرف في الفن، إشراف تشارلز بوكوك وسمر فاروقي ونورا حجاج. دبي، منشورات ميم، 2013.
سعد القصاب، مؤسسة الخطاب الجمالي: مرجعيات التأصيل في الفن العراقي الحديث. بيروت: دار كتب للنشر، 2012.
شربل داغر، "الحروفية العربية: فن وهوية". بيروت: شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 1990.
شربل داغر، "شاكر حسن آل سعيد، بدون عنوان (الجدار)"، في: مشاريع ميم 2013؛ الجزء الأول: الفن العربي الحديث، الجزء الثاني: الفن العربي المعاصر ـ كيف تنام في الليل؟، إشراف تشارلز بوكوك وسمر فاروقي ونورا حجاج. دبي، منشورات ميم، 2013.
سهيل سامي نادر، "البحث عن الأثر" في: "تواشج العلامات"، إشراف محمد مطالسي. باريس: معهد العالم العربي، 1989.
أن ماري شيمّل، "الخط العربي والثقافة الإسلامية". نيويورك: مطبوعات جامعة نيويورك، 1984.
ندى الشبوط،"Modern Arab Art: Formation of Arab Aesthetics" (الفن العربي الحديث: تشكل الجماليات العربية). غينسفيل، فلوريدا: مطبوعات جامعة فلوريدا، 2007.
نزار شقرون، "شاكر حسن آل سعيد ونظرية الفن العربي". بيروت: الدار العربية للعلوم، 2010.
فاروق يوسف، "سيرة اللامرئي في الرسم، من آل سعيد إلى هيمت". عمان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2010.
مراجع إضافية
مختارات من كتابات شاكر حسن آل سعيد في الفن
"أنا النقطة فوق فاء الحرف". بغداد، 1998.
"البيانات الفنية في العراق". بغداد: وزارة الثقافة والإعلام، 1973.
"دراسات تأملية". بيروت: دار الجمل، 2006.
"الفن التشكيلي العراقي المعاصر". تونس: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1992.
بمشاركة ماجد صالح السامرائي، "حوار الفن التشكيلي: محاضرات وندوات حول جوانب من الثقافة التشكيلية وعلاقتها بالفنون العربية والإسلامية". عمان: دارة الفنون/ مؤسسة عبد الحميد شومان، 1995.
شاكر حسن آل سعيد. "فصول من تاريخ الحركة التشكيلية في العراق"، بغداد: وزارة الثقافة والإعلام، 1983.
شاكر حسن آل سعيد. "الحرية في الفن". بيروت، عمان: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، دار الفارس للنشر والتوزيع، 1975 و1994.
شاكر حسن آل سعيد. "جواد سليم: الفنان والآخرون". بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، وزارة الثقافة، 1991.
ندى الشبوط. "الزمان والمكان في أعمال شاكر حسن آل سعيد: رحلة نحو البعد الواحد. "يونيفرسز
إن يونيفرس، مجلة نفس، أيار/ مايو 2008. تمت زيارة الموقع في 27 يوليو/ تموز 2015.
http://universes-in-universe.org/eng/nafas/articles/2008/shakir_hassan_al_said/.